mardi 21 février 2017
من الكلم الطيب
السلف وغض البصر قال عيسى : النظر يزرع في القلب الشهوة قال ذو النون : النظرات تورث الحسرات وقال أحمد : كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلايا قال داود : كانوا يكرهون فضول النظر قال ابن مسعود : ما كان من نظرة فإن للشيطان فيها مطمعاً قال الحسن بن مجاهد : غض البصر عن محارم الله يورث حب الله قال الوراق : من غض بصره عن محرّم أورثه الله حكمة على لسانه قال بعض السلف : نظرة إلى امرأة لا تحل لي ، فنظرت زوجتي إلى رجل أبغضه قال عمرو بن مرة : نظرت إلى امرأة فأعجبتني فكُفّ بصري ، فأرجو أن يكون ذلك كفارة
ماذا يقول ملك الموت للميّت ؟
samedi 18 février 2017
سلسلة كيف نفهم القرآن؟
سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1] تفسير الربع الأخير من سورة الإسراء الآية 97، والآية 98، والآية 99: ﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾: يعني ومَن يَهده اللهُ تعالى فهو المهتدي إلى الحق ﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ ﴾: يعني ومَن يُضلله اللهُ تعالى، فيَخذلْه ويَتركه لنفسه وهواه: ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ ﴾: أي فليس لهم أولياء يَهدونهم مِن دون اللهِ تعالى، (وفي هذا الكلام تصبيرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم على قومه المُصِرّين على الجحود برسالته)، ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ ﴾: أي ونَحشر هؤلاء الضالينَ ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ فنَجعلهم يَمشونَ ﴿ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾ (وذلك عند حَشْرهم إلى جهنم)، فإذا دخلوها: سُحِبُوا على وجوههم، كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾، وقد ثَبَتَ في صحيح البخاري أنّ رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف يُحشَرُ الكافر على وجهه يوم القيامة؟)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس الذي أمْشاهُ على الرِّجْلين في الدنيا قادراً على أن يُمشيه على وجهه يوم القيامة؟). ♦ وكذلك يكونون ﴿ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ﴾: أي لا يَرون ولا يَنطقون ولا يَسمعون (هذا في حال حَشْرهم إلى جهنم)، ثم إذا دخلوها: عادت إليهم حواسهم، وذلك للآيات القرآنية المُصَرّحة بهذا، فمِن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾، ﴿ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي مصيرهم إلى نار جهنم التي ﴿ كُلَّمَا خَبَتْ ﴾: أي كلما سَكَنَ لَهيبها، وخَمَدَتْ نارها: ﴿ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾: أي زِدناهم نارًا ملتهبة تشوي جلودهم، ﴿ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ ﴾ أي بسبب أنهم ﴿ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا ﴾ الواضحة ﴿ وَقَالُوا ﴾: ﴿ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا ﴾ مُتَحللة ﴿ وَرُفَاتًا ﴾ أي تراباً وأجزاءً مُفتتة: ﴿ أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ بعد ذلك ﴿ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾ بعد الموت؟ ♦ فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ وما فيهنّ مِن المخلوقات، ألم يَعلموا أنه سبحانه ﴿ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ أي مِثل هؤلاء المشركين بعد فنائهم؟، والجواب: بلى قد عَلِموا، ﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا ﴾: أي وقد جعل سبحانه لهؤلاء المشركين وقتًا مُحَددًا لبَعْثهم ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ أي لا شك فيه، وذلك لوضوح الحق وظهور أدِلَّته، ولكنْ رغم ذلك: ﴿ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ﴾ أي فلم يَقبل الكافرون إلا الجحود بدين اللهِ عزَّ وجلَّ. الآية 100: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين: ﴿ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ﴾ التي لا تنتهي - مِن المطر والأرزاق وغير ذلك - ﴿ إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ ﴾: أي لَبَخِلتم بها، ولم تُعطوا منها غيركم ﴿ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ ﴾ أي خوفًا مِن إنفاقها كلها فتصبحوا فقراء، ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ﴾ أي بخيلاً بما في يده ( إلا مَن عَصَمه اللهُ تعالى وأعانه على علاج هذا البخل بالدواء النافع الذي جاء في سورة المعارج، بِدءاً من قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾. من الآية 101 إلى الآية 104: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ أي: ولقد أعطينا موسى تسع مُعجزات واضحات، تدل على صِدْق نبوته (وهي العصا واليد، والسنوات الشديدة، ونقص الثمرات، والطوفان والجراد، والقمل والضفادع والدم)، فهل آمَنَ بها فرعون؟! لا، وكذلك لو أعطيناك ما طالَبَكَ به المشركونَ: لم ليؤمنوا، إذاً فلا فائدة مِن إعطائك إياها، حتى لا يُكَذِّبوا بها، فيُهلكهم اللهُ تعالى كما أهلك فرعون وجنوده. ﴿ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ ﴾: أي فاسأل - أيها الرسول - اليهود (سؤالَ تقرير)، حينَ جاء موسى لأسلافهم بمُعجزاته الواضحات ﴿ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾ أي أظن أنك ساحرٌ مغلوبٌ على عقلك بما تأتيه من غرائب الأفعال، فـ ﴿ قَالَ ﴾ له موسى: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾ أي لقد تَيَقَّنتَ يا فرعون أنه ﴿ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ ﴾: أي ما أنزل تلك المعجزات التسع ﴿ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ لتكون ﴿ بَصَائِرَ ﴾ أي لتكون دلالاتٍ يَستدِل بها أصحاب البصائر على وحدانية اللهِ تعالى، وعلى صِدق نُبُوَّتي ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾: يعني وإني لَعَلَى يقين بأنك يا فرعون هالكٌ مغلوب. ♦ فلمّا أعْجَزَتْ فرعون هذه الحُجَج والآيات: لَجَأ َإلى القوة ﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾: أي فأراد أن يُخرج موسى مع بني إسرائيل مِن أرض "مصر" (بالقتل الجماعي، أو بالنفي والطرد والتشريد ﴾ ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ﴾،﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: ﴿ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ﴾: أي اسكنوا أرض الشام، ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ ﴾: يعني فإذا جاء يوم القيامةِ ﴿ جِئْنَا بِكُمْ ﴾ مِن قبوركم إلى موقف الحساب ﴿ لَفِيفًا ﴾ أي جميعًا مِن مختلف البلاد والقبائل. الآية 105: ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ ﴾: يعني وأنزلنا هذا القرآن - على محمد صلى الله عليه وسلم - بالحق الثابت الذي لا شَكَّ فيه، ﴿ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ﴾: أي ونزل مُشتملاً على الحق الواضح، ومحفوظاً من التغيير والتبديل، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ إِلَّا مُبَشِّرًا ﴾ بالجنة لمن أطاع الله، ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ أي مُخَوِّفًا بالنار لمن كَفَرَ به وعصاه، (والمقصود أنّ اللهَ تعالى لم يُرسله لإجبار الناس على الإيمان والتوحيد، وإنما أرسله للدعوة والتبليغ، (وفي هذا تخفيفٌ له صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاه من تكذيب قومه). من الآية 106 إلى الآية 109: ﴿ وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ ﴾: أي وأنزلنا إليك قرآنًا جعلناهُ فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وقد أنزلناهُ ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ أي على مَهل، ليَفهمه المستمع إليه ﴿ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾: أي ونَزَّلْناه شيئًا بعد شيء (على حسب الحوادث الأحوال)، (واعلم أنّ اللفظ ﴿ تَنْزِيلًا ﴾ للتأكيد على أنّ نزوله كان آية بعد آية، وسورة بعد سورة، حتى اكتمل نزوله). ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المُكذِّبين: ﴿ آَمِنُوا بِهِ ﴾ أي بالقرآن ﴿ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ﴾ فإنّ إيمانكم لن يَزيده كمالاً، وتكذيبكم لن يُلْحِق به نَقصًا، و﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ ﴾ يعني إنّ العلماء الصادقين، الذين أعطاهم اللهُ الكتب السابقة مِن قبل القرآن ﴿ كعبد الله بن سلام وسَلمان الفارسي والنجاشي)، فهؤلاء ﴿ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ يعني إذا قُرِئَ عليهم القرآن: ﴿ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ أي يَخشعون، فيَسجدوا على وجوههم للهِ سبحانه وتعالى، (ومعلومٌ أن السجود على الجبهة والأنف، وإنما ذَكَرَ سبحانه الأذقان هنا، لأنّ اللحية إذا كانت طويلة (كما هي السُنَّة)، فإنها تصل إلى الأرض قبل الجبهة والأنف). ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا ﴾ أي تنزيهاً لربنا وتَبرِئَةً له مِن أن يُخلِفَ وعده، فقد أرسل لنا النبي الأُمِيّ الذي وَعَدنا به في التوراة والإنجيل، و﴿ إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ﴾ أي: ولقد كانَ وَعْدُ ربنا واقعًا حقًا لا يَتخلف (وهذا إقرارٌ منهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن العظيم)، ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ ﴾: يعني ويَسجد هؤلاء العلماء على وجوههم، باكينَ تأثُّرًا بمواعظ القرآن ﴿ وَيَزِيدُهُمْ ﴾ سماع القرآن ﴿ خُشُوعًا ﴾ في قلوبهم، وخضوعًا لأمْر ربهم. الآية 110، والآية 111: ﴿ قُلِ ﴾ أيها الرسول - للمُشرِكين الذين أنكروا عليك الدعاء بقولك: (يا الله يا رحمن) -: ﴿ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ﴾ أي سَمُّوهُ بأيِّ اسمٍ منهما (الله أو الرحمن)، ونادُوهُ بأيِّهما، فـ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾: يعني فبأيّ أسمائه دَعَوتموه فهو حَسَن، لأنه سبحانه له الأسماء الحسنى، وهذان الاسمان منها. ♦ واعلم أنّ سبب نزول هذه الآية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: (يا الله، يا رحمن)، فلما سمعه المشركون، قالوا: (انظروا إليه، كيف يدعو إلهين ويَنهانا عن ذلك؟)، فنزلتْ الآية مُبَيّنة أنّ (الله والرحمن) هما اسمان لمُسَمَّى واحد. ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ﴾ أي لا ترفع صوتك بالقراءة في الصلاة، كَرَاهة أن يَسمعك المشركون فيَسُبُّوك ويَسُبُّوا القرآن، ﴿ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾ أي: ولا تقرأ بصوتٍ غير مسموع، حتى يَنتفع بقراءتك مَن يُصلي وراءك، ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾: أي وكُن وسطاً بين الجَهر والهَمْس، (وقد كانَ هذا في مكة خوفاً من المشركين، ثم استقرتْ السُنَّة بالجَهر في صلاة الصبح والركعتين الأُولتين من المغرب والعشاء، وبالإسرار في صلاة الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخيرتين من العشاء). ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ﴾ ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾ ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ﴾: يعني ولم يكن له ناصرٌ يَنصره مِن ذلٍ أصابه (تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوّاً كبيراً) فهو سبحانه العزيز الجبار، القوي الغني، وجميع خَلقه فقراء محتاجونَ إليه، ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾: أي وعَظِّمه تعظيمًا تامًا بالثناء عليه، وبتنزيهه مِن كل ما لا يليق به، وبعبادته وحده لا شريك له. [1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير. واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/109209/#ixzz4Z6E6Etro
سلسلة كيف نفهم القرآن؟
سلسلة كيف نفهم القرآن؟
سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [*] تفسير الربع الأخير من سورة الأنبياء • الآية 83، والآية 84: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ أي اذكر أيها الرسول - في هذا القرآن - خبر أيوب عليه السلام، حينَ ابتليناه بمرضٍ عظيم في جسده، وفَقَدَ ماله وولده، فصبر واحتسب الأجر عند الله تعالى، ونادى ربه - داعياً متضرعاً -: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ أي قد أصابني الضر، ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ أي أرحم بي مِن أبي وأمي ومِن كل راحم، فاكشف هذا الضر عني، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءه ونداءه، ﴿فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾ ورفعنا عنه البلاء، ﴿وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ أي: رزقناه أولاداً بعدد ما فَقَد (وزِدناه مِثلهم)، وكذلك أعطيناه مالاً كثيراً، (فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل عليه جَرَاداً مِن ذهب) (انظر صحيح الجامع حديث رقم: 2863). ♦ وقد فَعَلْنا ذلك ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ بأيوب - بسبب صبره-﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ يعني: وليكون قدوة للعابدين إذا أصابهم البلاء، فيَصبروا مِثله، ويَحتسبوا الأجر عند ربهم، ليُجازيهم بأحسن الجزاء في جنات النعيم، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ). • الآية 85، والآية 86:﴿وَ﴾ اذكر في القرآن ﴿إِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ﴾ ﴿كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ أي كل هؤلاء الأنبياء كانوا من الصابرين على طاعة الله تعالى، وعن معاصيه، وعلى أقداره، فبذلك استحقوا الثناء الجميل في القرآن الكريم، ﴿وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا﴾ بأنْ جعلناهم أنبياء، والسبب في ذلك: ﴿إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: يعني إنهم كانوا مِمَّن صلح باطنهم وظاهرهم، فأطاعوا أمْر ربهم واجتنبوا نَهْيه. • الآية 87، والآية 88:﴿وَذَا النُّونِ﴾ أي: واذكر - أيها الرسول - قصة صاحب الحوت، وهو يونس عليه السلام، ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾ أي حين أرسله الله إلى قومه فدَعاهم فلم يؤمنوا، فتوعَّدهم بعذاب الله فلم يتوبوا، ولم يَصبر عليهم كما أمَرَه الله، وخَرَجَ مِن بينهم غاضبًا عليهم، مُغضِباً لربه، ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أي ظَنّ أن الله لن يُضَيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة، فابتلاه الله بشدة الضِيق والحبس، والتقمه الحوت في البحر ﴿فَنَادَى﴾ ربه ﴿فِي الظُّلُمَاتِ﴾ أي في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ أي لا معبودَ بحقٍ إلا أنت ﴿سُبْحَانَكَ﴾ يعني حاشاكَ أن تظلم، فإنّ هذا البلاء أستحقه بمعصيتي﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ♦ واعلم أنّ هذا الذِكر كانَ غرضه الدعاء (وإن لم يُصَرِّح يونس عليه السلام بالطلب)، فقد اعترف بذنبه، وأثنى على ربه، وتوسَّل إليه بتوحيده، فكأنه قال بعد هذا الذِكر: (فنَجِّني يارب مِمّا أنا فيه)، ولذلك قال تعالى بعدها: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ أي استجبنا دعاءه ونداءه، ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾: أي خلَّصناه مِن غَمّ حَبْسه في الظلمات، مع غَمّ نفسه بسبب ذنبه، ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ العاملينَ بشرعنا (إذا تضرعوا إلينا بهذا الدعاء عند شدتهم). • الآية 89، والآية 90:﴿وَ﴾ اذكر خبر ﴿زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ ليرزقه الذرية، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا﴾: أي لا تتركني وحيدًا، لا وارثَ لي يقوم بأمر الدين مِن بعدي، ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ يعني: وأنت خير مَن يَبقى ويَرث، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءه ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ - رغم كِبَر سِنّه - ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾: أي جعلنا زوجته صالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عقيماً، ﴿إِنَّهُمْ﴾أي زكريا ويحيى ووالدته ﴿كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي﴾ فِعل ﴿الْخَيْرَاتِ﴾ - وهي كل عمل يُرضي اللهَ تعالى - ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾: أي كانوا يدعوننا راغبينَ فيما عندنا من النعيم، وخائفينَ مِمّا عندنا من العذاب، ﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ أي خاضعينَ متواضعين، مُتذللين للهِ في عبادتهم. ♦ واعلم أنّ الخُشوع هو الذل والخوف من اللهِ تبارك وتعالى، فالخاشعون ذليلون مِن كَثرة النِعَم، وذليلون أيضاً من كثرة الذنوب، وهم الخائفون من المَلِك الجبار الذي سَيَحكم عليهم بجنة أو بنار. • الآية 91، و الآية 92، والآية 93:﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ أي: واذكر - أيها الرسول - خبر مريم ابنة عِمران التي حَفظت فَرْجها من الحرام، ولم تفعل فاحشةً في حياتها، ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ (والمقصود بالروح هنا هو جبريل عليه السلام، الذي قال اللهُ عنه: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾، وقال عنه: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾، فقد أرسل الله جبريل إلى مريم، فنَفخ في جَيْب ثيابها - وهو المكان الذي عند الرقبة - فوصلتْ النفخة إلى رَحِمِها، فخلق اللهُ بتلك النفخة عيسى عليه السلام، فحملتْ به من غير زوج، ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ أي فكانت هي وابنها آيةً يَستدل بها الناس على قدرة الله تعالى. ♦ وقال الله تعالى للناس: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ يعني: إنّ هؤلاء الأنبياء جميعًا هم أئمتكم، إذ دينهم واحد، وهو الإسلام (الذي هو الاستسلام والانقياد والخضوع لأوامر الله تعالى، وعبادته وحده بما شَرَع) ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ﴾ أي خالقكم ورازقكم ومُدَبّر أمْركم، فلذلك لا يَستحق العبادة غيري ﴿فَاعْبُدُونِ﴾ أي اعبدوني أيها الناس ولا تشركوا بي أحداً مِن خَلقي، ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ أي: ولكنّ الناس اختلفوا بعد هؤلاء الأنبياء، وجعلوا دينهم مَذاهب تُعادي بعضها بعضاً، وأصبحوا فِرقاً وأحزاباً، وعبدوا المخلوقات والأهواء، و ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾: أي كلهم راجعونَ إلينا ومُحاسَبونَ على أفعالهم، (ومِن ذلك تقطيعهم للإسلام إلى مِلَل مختلفة، كاليهودية والنصرانية وغيرهما). • الآية 94: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ﴾ - بإخلاصٍ لله تعالى وعلى النحو الذي شرعه - ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ بالله ورُسُله، وبما أخبرت به الرُسُل من الغيب: ﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ أي لا نُكرانَ لعمله، (والمعنى أننا لن نُضيع عمله ولن نُبطله، بل نَجزيه عليه أحسن الجزاء) ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ أي: وسيَجد هذا العمل مُثبَتٌ في كتابه يوم القيامة، لأن الملائكة تكتب أعماله الصالحة بأمر الله لهم، وسيُجزَى بها في جنات النعيم. • الآية 95:﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ يعني: ولقد حَرَّمَ الله على أهل القرى - التي أهلكها بسبب كُفرهم وظُلمهم - فأولئك حَرَّمَ الله عليهم رجوعهم إلى الدنيا ليتداركوا أعمالهم السيئة بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، فقد فات أوان ذلك، وليس لهم إلا الحسرة والندم والعذاب والصراخ. • من الآية 96 إلى الآية 100: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾: أي حتى إذا أَذِنَ الله بفتح سد قبيلتَي يأجوج ومأجوج (وهما قبيلتان عظيمتان موجودتان وراء السد الذي بناه ذو القرنين، والذي سيُفتَح عند اقتراب الساعة)، ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ أي: وحينئذٍ سيَخرجون مُسرعين من كل المرتفعات (وهي الجبال الموجودة بالقرب من أراضيهم) ليأكلوا ويُدَمِّروا. ♦ والراجح أنّ كلمة (حَتَّى) - المذكورة في أول الآية - مرتبطة بالآية التي قبلها، لأنّ امتناع رجوع الأمم الهالكة إلى الدنيا لا يزول حتى تقوم القيامة، ثم يُرجَعونَ إلى ربهم للحساب. ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ أي: وحينئذٍ يكون يوم القيامة قد اقترب وظهرت علاماته وأهواله ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: يعني فإذا بأبصار الكفار مفتوحة مِن شدة الفزع، لا تكاد تَطْرِف، وهم يقولون: ﴿يَا وَيْلَنَا﴾ يعني يا هلاكنا ﴿قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ أي كنا غافلين عن الاستعداد لهذا اليوم ﴿بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ (فاعترفوا بذنبهم حيث لا ينفعهم الاعتراف). ♦ وقال الله للمشركين:﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ - مِمَن رَضِيَ بعبادتكم له - ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ أي حَطَبها الذي تُوقَد به، ﴿أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾: يعني أنتم ومعبوداتكم الباطلة داخلونَ في جهنم جميعاً،و﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ﴾ الذين عبدتموهم من دون الله تعالى ﴿آَلِهَةً﴾ تستحق العبادة: ﴿مَا وَرَدُوهَا﴾: أي ما دخلوا النار معكم أيها المشركون، ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أي: كُلٌّ من العابدين والمعبودين - الذين رضوا بعبادتهم - خالدون جميعاً في نار جهنم ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ أي لهم في النار آلامٌ شديدة يدل عليها زفيرهم (وهو التنفس والأنين الشديد)، إذ كلما أصاب العذاب أجسادهم، صرخوا من شدة الألم، ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾ يعني: وهُم في النار لا يَسمعون، وذلك مِن فظاعة العذاب الذي يُلهِبُ أجسادهم، ولكثرة الصُراخ وشدة الأصوات (نسأل الله العافية). • من الآية 101 إلى الآية 104:﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾: يعني إن الذين كَتَبَ الله أنهم من أهل الجنة - بسبب إيمانهم وعملهم الصالح - ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ أي مُبعَدون عن النار، فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبًا منها، و﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾: أي لا يَسمعون صوت لهيبها واحتراق الأجساد فيها، فقد سكنوا منازلهم في الجنة ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ﴾ - مِن نَعيمها ولَذّاتها - ﴿خَالِدُونَ﴾،﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾: أي لا يُقلِقهم الهول العظيم يوم القيامة، بل يَخرجون من قبورهم آمنينَ غير خائفين، ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ عند قيامهم مِن قبورهم لتُبَشِّرهم: ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ أي هذا يومكم الذي وَعَدَكم الله فيه بالكرامة والسعادة وحُسن الثواب. ♦ ويَتِمّ لهم ذلك الوعد ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ﴾ - وذلك حين تُبَدَّل الأرض بغيرها والسماوات بغيرها - فحينئذٍ يَطوي سبحانه السماوات السبع بيمينه ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ أي كما تُطْوَى الورقة على ما كُتب فيها لتدخل في المظروف، ونَبعث الخلائق في ذلك اليوم ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ أي على هيئة خَلْقِنا لهم أول مرة (كما ولدتهم أمهاتهم)، وقد وَعَدْنا بذلك ﴿وَعْدًا﴾ حقًا، ﴿عَلَيْنَا﴾ الوفاء به، ﴿إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أي نفعل دائمًا ما نَعِدُ به، ولا يتخلف وَعْدنا أبداً. ♦ واعلم أنّ هذه الآيات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ...﴾ قد نزلتْ رداً على أحد المشركين عندما قال: (إنْ كانَ ما يقوله محمدٌ حقاً بأننا وآلهتنا في جهنم، فإن الملائكة معنا في جهنم لأننا نعبدهم، وعيسى والعُزَير في جهنم لأن اليهود عبدوا العُزَير، والنصارى عبدوا المسيح)، فأخبر تعالى أنّ مَن عَبَدَه الناس وهو غير راضٍ عن عبادتهم له، وكانَ هو يَعبد اللهَ وحده ويتقرب إليه بالطاعات التي شَرَعها، فهو مِمّن كَتَبَ اللهُ لهم الجنة كالمسيح عليه السلام. • الآية 105:﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ أي كَتَبنا في الكتب المُنَزَّلة بعد أن كَتَبنا في اللوح المحفوظ: ﴿أَنَّ الْأَرْضَ﴾ أي أرض الجنة ﴿يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (وهم الذين قاموا بما أمَرَهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه). • الآية 106:﴿إِنَّ فِي هَذَا﴾ القرآن ﴿لَبَلَاغًا﴾ أي عِبرة كافية تَبلُغ بمن يَعمل بها إلى الجنة ﴿لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ أي يَعبدون ربهم، بما شَرَعه لهم. • الآية 107:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ﴾ - أيها الرسول - ﴿إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ أي رحمةً لجميع الخَلق، فمَن آمَنَ بك سَعِد ونجا، ومَن لم يؤمن بك خابَ وخَسر، (واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أيضاً رحمةً لكُفار قريش من عذاب الإبادة والاستئصال الذي أصاب المُكَذبين قبلهم، كما قال تعالى له: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)). • الآية 108:﴿قُلْ﴾ أيها الرسول لهؤلاء المشركين: ﴿إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ﴾- مِن ربي - ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ﴾ أي مَعبودكم الحق هو ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ وهو اللهُ الأحد الصمد، المستحق وحده للعبادة ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾؟ (والمعنى: فأسلِموا له، وانقادوا لعبادته). • الآية 109، والآية 110، والآية 111:﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾: يعني فإنْ أعرض هؤلاء المشركون عن الإسلام ﴿فَقُلْ﴾ لهم: ﴿آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾: يعني أبلغتكم جميعًا ما أوحاه الله إليَّ، فأنا وأنتم متساوون في العلم والإنذار، ﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ يعني: ولستُ أدري أقَريبٌ ما تُوعدونَ به من العذاب أم مُؤجَّلٌ إلى يوم القيامة، ﴿إِنَّهُ﴾ سبحانه ﴿يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ﴾: أي يَعلم ما تُعلِنونه من أقوالكم (ومِن ذلك طَعْنكم في الإسلام ونَبِيِّه)، ﴿وَيَعْلَمُ﴾ سبحانه ﴿مَا تَكْتُمُونَ﴾ في نفوسكم مِن عداوتي وإرادة المكر بي (وسوف يُعاقبكم على ذلك). ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ يعني: ولستُ أدري، لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه هو استدراجٌ لكم ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أي: وحتى تتمتعوا في الدنيا إلى وقت انتهاء آجالكم، لتغتروا بإمهال الله لكم فتزدادوا كفرًا، فيكون ذلك أعظم لعقوبتكم في جهنم، (واعلم أنّ الاستدراج: هو الأخْذ بالتدريج، واستدراجُ اللهِ تعالى لأهل الضلال - الذين يُصِرُّون على المعاصي ولا يتوبون منها -: أنهم كلّما جَدَّدُوا للهِ معصيةً، جَدَّدَ اللهُ لهم نعمة، حتى يأخذهم بذنوبهم وهم لا يشعرون، كما قال صلى الله عليه وسلم: )إذا رأيتَ اللهَ تعالى يعطي العبدَ من الدنيا ما يحب وهو مُقيمٌ على معاصيه: فإنما ذلك منه استدراج) (انظر صحيح الجامع حديث: 561). • الآية 112:﴿قَالَ﴾ النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ أي افصل بيننا وبين قومنا المُكَذِّبين بالقضاء الحق (وذلك بنَصري عليهم في الدنيا)، وقال صلى الله عليه وسلم للكفار: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ﴾ (وذلك لأنهم أنكَروا أن يكون الرحمن اسماً لله تعالى حين قالوا: (وما الرحمن؟))، وهو سبحانه ﴿الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ أي الذي نستعين به على إبطال ما تَصِفونه - أيها الكفار - من الشرك والتكذيب والافتراء على الله ورسوله. [*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة. - واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/112414/#ixzz4Z68cGUZw.