mardi 21 février 2017

درر من أقوال علي بن أبي طالب رضى الله عنه

Rainbow Text

من الكلم الطيب

من أقوال السلف في الموت قال الحسن : فضح الموت الدنيا فلم يترك لذي عقل عقلا قال بعض العلماء لأحد إخوانه :احذر الموت في هذه الدنيا قبل أن تصير إلى دار تتمنى فيها الموت فلا تجده قال أبو الدرداء : إذا ذكرت الموت فعد نفسك أحدهم قالت عائشة لامرأة : أكثري ذكر الموت يرق قلبك وقال إبراهيم التيمي : شيئان قطعا عني لذة الدنيا : ذكر الموت ، والوقوف بين يدي الله وقال الحسن : من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا وقال الحسن : ما ألزم عبد ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عنده وقال أبو الدرداء : من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسده وقال سعيد بن جبير : لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليّ قلبي وقال الأوزاعي : من أكثر ذكر الموت كفا ه اليسير وقال الثوري : لو أن البهائم تعقل من الموت ما تعقلون ما أكلتم منها سمينا وقال الحسن بن عبد العزيز : من لم يردعه القرآن والموت ، فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع وقال أبو نعيم : كان الثوري إذا ذكر الموت لم يُنتفع به أياماً ، وفي الحديث : أكثروا ذكر هاذم اللذات
السلف وغض البصر قال عيسى : النظر يزرع في القلب الشهوة قال ذو النون : النظرات تورث الحسرات وقال أحمد : كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلايا قال داود : كانوا يكرهون فضول النظر قال ابن مسعود : ما كان من نظرة فإن للشيطان فيها مطمعاً قال الحسن بن مجاهد : غض البصر عن محارم الله يورث حب الله قال الوراق : من غض بصره عن محرّم أورثه الله حكمة على لسانه قال بعض السلف : نظرة إلى امرأة لا تحل لي ، فنظرت زوجتي إلى رجل أبغضه قال عمرو بن مرة : نظرت إلى امرأة فأعجبتني فكُفّ بصري ، فأرجو أن يكون ذلك كفارة
من كلام علي بن أبي طالب 1- أول ما تنكرون من جهادكم : جهاد أنفسكم 2- لا يرجون عبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه 3- من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب 4- ما أكثر العبر وأقل الاعتبــــار 5- الحلم غطاء ساتر ، والعقل حسام قاطع 6- أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما 7- وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما 8- إن الدنيا أدبرت وإن الآخرت أقبلت فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا 9- كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه 10- كفى بالجهل خمولاً أنه يتبرأ منه من هو فيه 11- التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل 12- لا راحة لحسود ولا إخاء لملول ولا محب لسيء الخلق 13- سِرك أسيرك ، فإذا تكلمتَ به صرتَ أسيرَه 14- ذقت الطيبات كلها فلم أجد أطيب من العافيــة 15- وذقت مرارات الدنيا فلم أجد أمرّ من الحاجة إلى الناس 16- عقل بلا أدب كشجاع بلا سلاح 17- ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة 18- دولة الباطل ساعة ، ودولة الحق حتى قيام الساعة 19- أخوف ما أخاف عليكم اثنتان : طول الأمل واتباه الهوى ، فطول الأمل ينسي الآخرة ، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق 20- للمرائي ثلاث علامات : الكسل إذا كان وحده - وينشط إذا كان الناس - ويزيد في العمل إذا أثنيَ عليه وينقص إذا ذم المرجع / السير - جامع العلوم والحكم

ماذا يقول ملك الموت للميّت ؟

Cross Domain Data Sharing Demo - Sibeesh Passion Cross Domain Data Sharing Receiver - Sibeesh Passion

samedi 18 février 2017

أحكام المعاملات

فهرس الفتاوى أحكام المعاملات

زكاة الأسهم كل الأقسام أحكام المعاملات 2005-12-23 • فتوى رقم 807 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: 1.هل المتاجرة في أسهم الشركات حلال أم حرام، (غير شركات البنوك والتامين). 2.كيفية حساب زكاة هذه الأموال فهل تحسب على رأس المال أم تحسب على أرباح الأسهم وفي حالة الخسارة؟ إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: - فإذا كانت الشركة لا تتعامل بالمحرمات والربا فلا مانع من شراء أسهمها، أما الشركات التي تنمي رأس مالها أو بعضه بالربا فلا يجوز شراء أسهمها. - أما الزكاة فإن كانت الأسهم مشتراة لبيعها بالبورصة فزكاتها في نهاية كل عام بحسب قيمتها في السوق بنسبة 2,5% بالغة ما بلغت، وإن كانت مشتراة لأخذ أرباحها عاما بعد عام وليس لبيعها، فزكاتها في نهاية كل عام تساوي نسبة راس المال المتحرك فيها من قيمتها السوقية. والله تعالى أعلم. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

أخذ المحاسب في شركة الزيادة التي تظهر معه

كل الأقسام أحكام المعاملات 2006-01-10 • فتوى رقم 1216 أنا موظف في شركة خليوي أعمل كمحاسب صندوق بقطع الفواتير للهاتف النقال، وفي نهاية اليوم أقوم باستلام نقودالصناديق من زملائي وأسملهم إلى البنك، وفي كثير من الأحوال يظهر لدينا فرق بالصندوق زيادة أو نقصان، فهل من حقنا أن نأخذ هذه الزيادة في الصندوق مع العلم أن الشركة تمنع ذلك وتأخذ هي هذه الزيادة، وأما النقصان فيتم دفعه من قبل الموظف الذي ظهر معه النقص. أفيدوني جزاكم الله كل خير. إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: أولاً على الموظف أن يراعي في تعامله مع المشتركين أن يعيد إليهم ما يستحقونه من مبالغ ولو زهيدة تزيد لهم معه، وذلك ليتحاشى وقوع مثل هذه الأخطاء، فإذا حصل شيء بعد ذلك فليس للموظف الحق في شيء من هذه الزيادة، في حين إن عليه دفع النقص الموجود للشركة، لو كان مقصراً في الدقة في مراقبة ما يقبضه وما يدفعه لمن يتعامل معهم، ولا يضمن ما لا يقصر فيه شرعا مما هو معتاد لأمثاله. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • حكم الوعد.

كل الأقسام أحكام المعاملات 2006-02-02 • فتوى رقم 1946 السلام عليكم ورحمة الله ماحكم الوعد في الإسلام وهل إذا وعدت إنسان ما أن أعطيه مبلغا بعد سنة هبة له مثلا فهل يعتبر هذا حق له أم أستطيع التراجع عنه؟ إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فيجب الوفاء بالوعد ديانة إلا أن يمنع منه مانع، ولا يجب الوفاء به قضاء عند أكثر الفقهاء، لأن الوفاء بالوعد علامة من علامات المؤمن، ولذلك يطلب منه الوفاء به ديانة، أما قضاء فيصعب الإلزام به لأن الظروف قد تتبدل في حقه ولا يستطيع الوفاء به دون أن يستطيع إثبات ذلك. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • حكم المساهمة باكتتاب الوطنية للطيران

حكم المساهمة باكتتاب الوطنية للطيران كل الأقسام أحكام المعاملات 2006-02-07 • فتوى رقم 2495 نسأل عن شرعية المساهمة باكتتاب الوطنية للطيران؟ إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فليس عندي معلومات كاملة عن هذه الشركة ولا عن كيفية الاكتتاب، ولهذا فلا أستطيع الإفتاء فيها تحليلاً أو تحريماً، ولا بد من عرض الموضوع على عالم به. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • حكم المعاملة مع هذه الشركات.

هذه الشركة كتبت نظامها القانوني والشرعي على الرابط أدناه. http://www.jadarah.com/law.htm أرجو من فضيلتكم التكرم بالاطلاع وإفادتنا مأجورين حول جواز التعامل معها أم لا؟ وجزاكم الله خيراً. إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فأعتذر عن الجواب المفصل لعدم توفر الوقت الكافي لدي لقراءة كافة أنظمة الشركة، ولكن بشكل مجمل أرى في هذه الشركة شبهات كثيرة، فنظام التعامل الهرمي الذي تمشي عليه لا أراه جائزا، واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • الاستفادة من الإعلانات في المواقع

بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم. كيف حالك أستاذي الكريم، أرجو أن لا أكون ممن يضيعون وقتك بالترهات لكني أرغب بأن أجد طريقي للمال الحلال بإذن الله وأرجو منك أن تنيرني بإرشاداتك. إنني أقرأ كتابين من إصداراتك وهما الأندلس التاريخ المصور، و فلسطين التاريخ المصور، إنها فعلاً من الكتب الرائعة والجديدة في المكتبة العربية، نحسبها في ميزان حسناتك إن شاء الله. القصة كما يلي: هناك موقع يسمى (www.studiotraffic.com)، و يوجد غيره لكن هذا الذي أعرفه أنا، يقدم لك اشتراكاً مجانياً، ويفتح لك حساباً لديه، و به (10) دولارات. ما يقوم به هذا الموقع هو إعلان بعض الإعلانات على شاشتك، وبعد أن تستعرض العدد المحدد لنوع حسابك من الإعلانات، يقومون بدفع 1% لك من الحساب لصاحبه، يمكن للمشترك أن يضيف لحسابه بعض المال و تكون استفادته أكبر بالطبع، أيضاً يمكن أن يحصل على نسبة 10% من رصيد كل من يتعرف على هذا الموقع و يشترك عن طريقه، هل هذه الطريقة لكسب المال هي حلال و يجوز أن نشترك بها؟ لأي سؤال آخر أنا جاهز، والموقع باللغة الإنجليزية هو: http://www.studiotraffic.com/faq_earnupgrade.php شكراً لك يا دكتور مقدماً، وأسأل الله تعالى لك التوفيق و الهداية. السلام عليكم. مأمون جاموس. إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فشكرا لك على تحياتك، ولكن الكتابين المذكورين ليسا لي، ولا أعرفهما، وما ذكرته من الشركة أو الاتفاق أحسبه من العقود الجديدة غيرالصحيحة، للأنه لا يخلو من الغرر والجهالة. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • التصرف بالمال الذي تحصل عن طريق الفيزاكارد أو الماستر كارد.

السلام عليكم. أنا سيدة كنت أعمل في أمريكا لمدة ست سنوات، وقبل عودتي إلى بلدي أخذت بعض الكريدات المقصود مثل الفيزا والماستر كارت، وهو تسطيع أن تسحب أموال بواسطة هذة البطاقة، واستوليت على كل مابها وسددت ديناً كان علي، وهو نصف ثمن شقتي، والباقي فرشت به، واليوم وقد عدت الى رشدي وتبت إلى الله، أريد أن أعرف: 1- هل يجوز لي أن أعيش في هذه الشقة وبعد وفاتي تؤول الشقة وما بها إلى الأيتام، مع العلم أنه ليس لي أي مكان آخر للإقامة، وهل هذا ضد شرع الله؟ مع العلم أنه ليس لى زوج أو أولاد. إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فعليك رد المال الذي أخذتيه بغير حق إلى أصحابه ولو بالتقسيط، وبأي شكل كان ولو بالهدية لهم، وإذا تعذر عليك ذلك فعليك التصدق به على الفقراء وفي طرق البر العامة ولو بالتقسيط، ولا تبرأ ذمتك منه إلا بذلك. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • جلب الخادمة المسيحية

هل يجوز جلب الخادمات المسيحيات إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فلا مانع من جلب واستخدام الخادمات النصرانيات وغيرهن من الديانات الأخرى عند الحاجة إليهن، إذا التزمن في التعامل مع المخدومين بما لا يخالف الأحكام الإسلامية، ويفضل استخدام الخادمات المسلمات بدلا من غيرالمسلمات بقدر الإمكان واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • التعامل بأسهم حائل السعودية الزراعية

هل الأسهم السعودية حلال في أسهم حائل الزراعية؟ إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: يتوقف حكم التعامل في هذه السهم على نظام الشركة، فإن كانت إسلامية عليها رقابة شرعية، ولا تتعامل بالربا والمحرمات، فالتعامل باسهمها بيعا وشراء جائز ، وإلا فلا يجوز. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

  • التجارة أو الشركة بين مسلم وملحد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: ما حكم إقامة شركة أو تجارة بين مسلم وملحد؟ جزاكم الله خيراً. إجابة المفتي أ. د. أحمد الحجي الكردي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فلا مانع من ذلك إذا تأكد المسلم من أخلاق ذلك الرجل وأمانته، بشرط أن تدار الشركة بالطرق المشروعة. واسأل الله لكم التوفيق. والله تعالى أعلم.

سلسلة كيف نفهم القرآن؟

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1] تفسير الربع الأخير من سورة الإسراء الآية 97، والآية 98، والآية 99: ﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾: يعني ومَن يَهده اللهُ تعالى فهو المهتدي إلى الحق ﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ ﴾: يعني ومَن يُضلله اللهُ تعالى، فيَخذلْه ويَتركه لنفسه وهواه: ﴿ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ ﴾: أي فليس لهم أولياء يَهدونهم مِن دون اللهِ تعالى، (وفي هذا الكلام تصبيرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم على قومه المُصِرّين على الجحود برسالته)، ﴿ وَنَحْشُرُهُمْ ﴾: أي ونَحشر هؤلاء الضالينَ ﴿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ فنَجعلهم يَمشونَ ﴿ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾ (وذلك عند حَشْرهم إلى جهنم)، فإذا دخلوها: سُحِبُوا على وجوههم، كما قال تعالى: ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾، وقد ثَبَتَ في صحيح البخاري أنّ رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف يُحشَرُ الكافر على وجهه يوم القيامة؟)، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أليس الذي أمْشاهُ على الرِّجْلين في الدنيا قادراً على أن يُمشيه على وجهه يوم القيامة؟). ♦ وكذلك يكونون ﴿ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ﴾: أي لا يَرون ولا يَنطقون ولا يَسمعون (هذا في حال حَشْرهم إلى جهنم)، ثم إذا دخلوها: عادت إليهم حواسهم، وذلك للآيات القرآنية المُصَرّحة بهذا، فمِن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾، ﴿ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ أي مصيرهم إلى نار جهنم التي ﴿ كُلَّمَا خَبَتْ ﴾: أي كلما سَكَنَ لَهيبها، وخَمَدَتْ نارها: ﴿ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾: أي زِدناهم نارًا ملتهبة تشوي جلودهم، ﴿ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ ﴾ أي بسبب أنهم ﴿ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا ﴾ الواضحة ﴿ وَقَالُوا ﴾: ﴿ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا ﴾ مُتَحللة ﴿ وَرُفَاتًا ﴾ أي تراباً وأجزاءً مُفتتة: ﴿ أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴾ بعد ذلك ﴿ خَلْقًا جَدِيدًا ﴾ بعد الموت؟ ♦ فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ وما فيهنّ مِن المخلوقات، ألم يَعلموا أنه سبحانه ﴿ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ﴾ أي مِثل هؤلاء المشركين بعد فنائهم؟، والجواب: بلى قد عَلِموا، ﴿ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا ﴾: أي وقد جعل سبحانه لهؤلاء المشركين وقتًا مُحَددًا لبَعْثهم ﴿ لَا رَيْبَ فِيهِ ﴾ أي لا شك فيه، وذلك لوضوح الحق وظهور أدِلَّته، ولكنْ رغم ذلك: ﴿ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ﴾ أي فلم يَقبل الكافرون إلا الجحود بدين اللهِ عزَّ وجلَّ. الآية 100: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المشركين: ﴿ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي ﴾ التي لا تنتهي - مِن المطر والأرزاق وغير ذلك - ﴿ إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ ﴾: أي لَبَخِلتم بها، ولم تُعطوا منها غيركم ﴿ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ ﴾ أي خوفًا مِن إنفاقها كلها فتصبحوا فقراء، ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا ﴾ أي بخيلاً بما في يده ( إلا مَن عَصَمه اللهُ تعالى وأعانه على علاج هذا البخل بالدواء النافع الذي جاء في سورة المعارج، بِدءاً من قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾. من الآية 101 إلى الآية 104: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ أي: ولقد أعطينا موسى تسع مُعجزات واضحات، تدل على صِدْق نبوته (وهي العصا واليد، والسنوات الشديدة، ونقص الثمرات، والطوفان والجراد، والقمل والضفادع والدم)، فهل آمَنَ بها فرعون؟! لا، وكذلك لو أعطيناك ما طالَبَكَ به المشركونَ: لم ليؤمنوا، إذاً فلا فائدة مِن إعطائك إياها، حتى لا يُكَذِّبوا بها، فيُهلكهم اللهُ تعالى كما أهلك فرعون وجنوده. ﴿ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ ﴾: أي فاسأل - أيها الرسول - اليهود (سؤالَ تقرير)، حينَ جاء موسى لأسلافهم بمُعجزاته الواضحات ﴿ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴾ أي أظن أنك ساحرٌ مغلوبٌ على عقلك بما تأتيه من غرائب الأفعال، فـ ﴿ قَالَ ﴾ له موسى: ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ ﴾ أي لقد تَيَقَّنتَ يا فرعون أنه ﴿ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ ﴾: أي ما أنزل تلك المعجزات التسع ﴿ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ لتكون ﴿ بَصَائِرَ ﴾ أي لتكون دلالاتٍ يَستدِل بها أصحاب البصائر على وحدانية اللهِ تعالى، وعلى صِدق نُبُوَّتي ﴿ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ﴾: يعني وإني لَعَلَى يقين بأنك يا فرعون هالكٌ مغلوب. ♦ فلمّا أعْجَزَتْ فرعون هذه الحُجَج والآيات: لَجَأ َإلى القوة ﴿ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾: أي فأراد أن يُخرج موسى مع بني إسرائيل مِن أرض "مصر" (بالقتل الجماعي، أو بالنفي والطرد والتشريد ﴾ ﴿ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ﴾،﴿ وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: ﴿ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ﴾: أي اسكنوا أرض الشام، ﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ ﴾: يعني فإذا جاء يوم القيامةِ ﴿ جِئْنَا بِكُمْ ﴾ مِن قبوركم إلى موقف الحساب ﴿ لَفِيفًا ﴾ أي جميعًا مِن مختلف البلاد والقبائل. الآية 105: ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ ﴾: يعني وأنزلنا هذا القرآن - على محمد صلى الله عليه وسلم - بالحق الثابت الذي لا شَكَّ فيه، ﴿ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ﴾: أي ونزل مُشتملاً على الحق الواضح، ومحفوظاً من التغيير والتبديل، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ إِلَّا مُبَشِّرًا ﴾ بالجنة لمن أطاع الله، ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ أي مُخَوِّفًا بالنار لمن كَفَرَ به وعصاه، (والمقصود أنّ اللهَ تعالى لم يُرسله لإجبار الناس على الإيمان والتوحيد، وإنما أرسله للدعوة والتبليغ، (وفي هذا تخفيفٌ له صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاه من تكذيب قومه). من الآية 106 إلى الآية 109: ﴿ وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ ﴾: أي وأنزلنا إليك قرآنًا جعلناهُ فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل، والحلال والحرام، وقد أنزلناهُ ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ أي على مَهل، ليَفهمه المستمع إليه ﴿ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾: أي ونَزَّلْناه شيئًا بعد شيء (على حسب الحوادث الأحوال)، (واعلم أنّ اللفظ ﴿ تَنْزِيلًا ﴾ للتأكيد على أنّ نزوله كان آية بعد آية، وسورة بعد سورة، حتى اكتمل نزوله). ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المُكذِّبين: ﴿ آَمِنُوا بِهِ ﴾ أي بالقرآن ﴿ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ﴾ فإنّ إيمانكم لن يَزيده كمالاً، وتكذيبكم لن يُلْحِق به نَقصًا، و﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ ﴾ يعني إنّ العلماء الصادقين، الذين أعطاهم اللهُ الكتب السابقة مِن قبل القرآن ﴿ كعبد الله بن سلام وسَلمان الفارسي والنجاشي)، فهؤلاء ﴿ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ يعني إذا قُرِئَ عليهم القرآن: ﴿ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ أي يَخشعون، فيَسجدوا على وجوههم للهِ سبحانه وتعالى، (ومعلومٌ أن السجود على الجبهة والأنف، وإنما ذَكَرَ سبحانه الأذقان هنا، لأنّ اللحية إذا كانت طويلة (كما هي السُنَّة)، فإنها تصل إلى الأرض قبل الجبهة والأنف). ﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا ﴾ أي تنزيهاً لربنا وتَبرِئَةً له مِن أن يُخلِفَ وعده، فقد أرسل لنا النبي الأُمِيّ الذي وَعَدنا به في التوراة والإنجيل، و﴿ إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ﴾ أي: ولقد كانَ وَعْدُ ربنا واقعًا حقًا لا يَتخلف (وهذا إقرارٌ منهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن العظيم)، ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ ﴾: يعني ويَسجد هؤلاء العلماء على وجوههم، باكينَ تأثُّرًا بمواعظ القرآن ﴿ وَيَزِيدُهُمْ ﴾ سماع القرآن ﴿ خُشُوعًا ﴾ في قلوبهم، وخضوعًا لأمْر ربهم. الآية 110، والآية 111: ﴿ قُلِ ﴾ أيها الرسول - للمُشرِكين الذين أنكروا عليك الدعاء بقولك: (يا الله يا رحمن) -: ﴿ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ﴾ أي سَمُّوهُ بأيِّ اسمٍ منهما (الله أو الرحمن)، ونادُوهُ بأيِّهما، فـ﴿ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾: يعني فبأيّ أسمائه دَعَوتموه فهو حَسَن، لأنه سبحانه له الأسماء الحسنى، وهذان الاسمان منها. ♦ واعلم أنّ سبب نزول هذه الآية أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: (يا الله، يا رحمن)، فلما سمعه المشركون، قالوا: (انظروا إليه، كيف يدعو إلهين ويَنهانا عن ذلك؟)، فنزلتْ الآية مُبَيّنة أنّ (الله والرحمن) هما اسمان لمُسَمَّى واحد. ﴿ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ﴾ أي لا ترفع صوتك بالقراءة في الصلاة، كَرَاهة أن يَسمعك المشركون فيَسُبُّوك ويَسُبُّوا القرآن، ﴿ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا ﴾ أي: ولا تقرأ بصوتٍ غير مسموع، حتى يَنتفع بقراءتك مَن يُصلي وراءك، ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾: أي وكُن وسطاً بين الجَهر والهَمْس، (وقد كانَ هذا في مكة خوفاً من المشركين، ثم استقرتْ السُنَّة بالجَهر في صلاة الصبح والركعتين الأُولتين من المغرب والعشاء، وبالإسرار في صلاة الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخيرتين من العشاء). ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ﴾ ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾ ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ﴾: يعني ولم يكن له ناصرٌ يَنصره مِن ذلٍ أصابه (تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوّاً كبيراً) فهو سبحانه العزيز الجبار، القوي الغني، وجميع خَلقه فقراء محتاجونَ إليه، ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾: أي وعَظِّمه تعظيمًا تامًا بالثناء عليه، وبتنزيهه مِن كل ما لا يليق به، وبعبادته وحده لا شريك له. [1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير. واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/109209/#ixzz4Z6E6Etro

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ * الربع الأول من سورة الكهف من الآية 1 إلى الآية 5: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ أي الثناء على اللهِ تعالى بصفاته التي كلُّها كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، فهو سبحانه ﴿ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ ﴾ - محمد صلى الله عليه وسلم - ﴿ الْكِتَابَ ﴾ أي أنزل عليه القرآن ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾: أي لم يَجعل في القرآن شيئًا مائلاً عن الحق، بل جَعَله كتابًا ﴿ قَيِّمًا ﴾ أي مستقيمًا معتدلاً (لا اختلافَ فيه ولا تناقض، ولا تَشَدُّد ولا تفريط)، وقد أنزله سبحانه ﴿ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ ﴾: أي ليُنذر الكافرين مِن عذابٍ شديدٍ مِن عنده ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ (وهو الجنة) التي يُقيمون في نعيمها، ويَظلونَ ﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴾ أي لا يُفارقونه أبدًا، ﴿ وَيُنْذِرَ ﴾ - بصفة خاصة - المُشركين ﴿ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾ (وكيف ذلك والكُلُّ مِلكُهُ وعَبيدُه، وهم خاضعونَ له، مُسَخَّرونَ تحتَ تدبيره، فكيف يكونُ له منهم ولد؟!). ﴿ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ ﴾: أي ليس عند هؤلاء المشركين شيءٌ من العلم على ما يَنسبونه كذباً للهِ تعالى من اتِّخاذ الولد، وكذلك لم يكن عند آبائهم الذين قلَّدوهم عِلمٌ بذلك، ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً ﴾: أي عَظُمتْ هذه المقالة القبيحة التي ﴿ تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ وهي نِسبة الولد للهِ تعالى، ﴿ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾: أي ما يقولونَ إلا قولاً كاذبًا (وَرِثوه عن آباءهم بغير دليل). الآية 6: ﴿ فَلَعَلَّكَ ﴾ - أيها الرسول - ﴿ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ ﴾ أي مُهْلِك نفسك على أثَر إعراض قومك (يعني بسبب إعراضهم عنك) ﴿ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ أي ستُهلِك نفسك غمًّا وحزنًا إنْ لم يُصَدِّقوا بهذا القرآن ويَعملوا به! الآية 7، والآية 8: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ ﴾ من المخلوقات ﴿ زِينَةً لَهَا ﴾ أي جَمالا لها، ومَنفعةً لأهلها ﴿ لِنَبْلُوَهُمْ ﴾ أي لنَختبر المُكَلَّفين من الإنس والجن: ﴿ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾: يعني أيُّهم أكثر اتِّباعاً لأمْرنا واجتناباً لنَهْينا وإتقاناً لطاعتنا، وأيُّهم الذي يَعصي ربه من أجل الدنيا، ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا ﴾: أي سنجعل كل ما على الأرض ترابًا، ﴿ جُرُزًا ﴾ أي لا نباتَ فيه (وذلك عند انتهاء الدنيا)، إذاً فلا تَحزن أيها الرسول على ما تَلقاه مِن أذى قومك وتكذيبهم، فإنّ الدنيا - التي مِن أجلها يُعادونكَ - ستزولُ سريعاً، ثم يُجازيهم اللهُ يوم القيامة على تكذيبهم وعِصيانهم. من الآية 9 إلى الآية 12: ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا ﴾: يعني أم ظننتَ أيها الرسول أنّ قصة أصحاب الكهف - واللوح الحَجَري الذي كُتِبَت فيه أسماؤهم - شيئاً مُنفرداً بالعجب من بين الآيات الأخرى؟! (والاستفهام للنفي) أي لا تظن ذلك، فإنّ خَلْق السماوات والأرض وما فيهما من الآيات أعجب من هذا بكثير. ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ﴾: أي اذكر أيها الرسول - للسائلينَ عن قصتهم - حين لجأ هؤلاء الشباب إلى الكهف (فِراراً بدينهم، وخوفاً من تعذيب قومهم لهم)، ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴾ أي أعطنا مِن عندك رحمةً تُثَبِّتنا بها، وتحفظنا بها من الشر، ﴿ وَهَيِّئْ لَنَا ﴾ أي يَسِّر لنا ﴿ مِنْ أَمْرِنَا ﴾ الصعب الذي نحن فيه - مِن هِجرتنا لأهلنا وبيوتنا - ﴿ رَشَدًا ﴾: أي يَسِّر لنا ما يَصلُحُ به أمْر ديننا ودُنيانا. ♦ فاستجاب اللهُ دعاءهم ورَعَاهم، قال تعالى: ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴾: أي فألقينا عليهم النوم العميق في الكهف سنين كثيرة، حتى تغيَّرتْ الأحوال وتَبدَّلت الأجيال، ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ ﴾ أي: ثم أيقظناهم مِن نومهم ﴿ لِنَعْلَمَ ﴾ أي لنُظهِر للناس ما عَلِمناه في قديم الأزل، فيَعلموا ﴿ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ﴾: يعني أيُّ الطائفتين المختلفتين في مدة بقاءهم في الكهف أضبَط في حساب هذه المدة؟ (والراجح أنّ الذين اختلفوا فيهم: هم فريقان من الأُمّة التي اكتشفتهم بعد سنين عديدة، واللهُ أعلم). من الآية 13 إلى الآية 17: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ﴾ أي نتلو عليك خبَرَ أصحاب الكهف بالصِدق واليقين، ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ ﴾: يعني إنهم شبابٌ صَدَّقوا بتوحيد ربهم وامتثلوا أمْره ﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ أي زدناهم إيماناً وثباتًا، وذلك بسبب إيمانهم، كما قال تعالى: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾، ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا ﴾: أي قوَّينا قلوبهم بالإيمان حين قاموا بين يدي المَلِك الكافر، وهو يَلومُهم على تَرْك عبادة الأصنام، ﴿ فَقَالُوا ﴾ له: ﴿ رَبُّنَا ﴾ الذي نعبده هو ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾، و ﴿ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا ﴾: أي لن نَعبد غيره من الآلهة المزعومة كذباً، ﴿ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾: يعني لو قلنا غير هذا، لكُنَّا قائلينَ قولاً ظالماً بعيدًا عن الحق، ثم قالوا له: ﴿ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً ﴾ يَعبدونهم، فـ ﴿ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ﴾: يعني فهَلاَّ جاءوا بدليلٍ واضح يَدُلّ على استحقاقها للعبادة، ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ ﴾: أي فلا أحد أشد ظلمًا ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ بأن يَنسبَ إليه شريكاً في عبادته. ♦ ثم بعد أن خرجوا مِن عند هذا المَلِك، قال بعضهم لبعض - وهم يَتناصحونَ ويَتشاورون -: ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ يعني: بما أنكم فارَقتم قومكم بدينكم، وتركتم ما يَعبدونَ من دون الله، لم يَبقَ لكم إلا النجاة مِن شَرِّهم، إذاً ﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾: أي الجؤوا إلى الكهف الذي في الجبل لعبادة ربكم وحده، وهَرَباً من أعدائكم المشركين، فحينئذٍ ﴿ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾ أي يُنَزِّل عليكم ربكم مِن رحمته ما يُنَجِّيكم به مِمّا فررتم منه ﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا ﴾: أي ويُيَسِّر لكم مِن أمْركم ما تنتفعونَ به - من أسباب العيش - في مأواكم الجديد، (فلمَّا قالوا ذلك، وذهبوا إلى الكهف: ألقى اللهُ عليهم النوم وحَفِظهم). ﴿ وَتَرَى الشَّمْسَ ﴾ يعني: وإذا نظرتَ إليهم - أيها الرسول - لَرأيتَ الشمسَ ﴿ إِذَا طَلَعَتْ ﴾ من المَشرق ﴿ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ﴾: أي تميل وتَتَنَحَّى عن مكانهم إلى جهة اليمين فلا تصيبهم، ﴿ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ أي تتجاوز عنهم إلى جهة اليسار، ﴿ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ﴾: أي وقد أنامهم اللهُ في مُتَسَّع من الكهف حتى لا يَنقطع عنهم الهواء، ﴿ ذَلِكَ ﴾ الذي فعلناه بهؤلاء الشباب - مِن حِفظهم من حرارة الشمس، وعدم نفاد الهواء عنهم - هو ﴿ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ ﴾ أي من دلائل قدرة اللهِ تعالى، ورحمته ولُطفه بأوليائه. ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ﴾ يعني: مَن يُوفقه اللهُ للاهتداء بآياته، فهو المُوَفَّق إلى الحق، ﴿ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ يعني: ومن لم يُوَفِّقه لذلك، فلن تجد له مُعينًا يُرشده لإصابة الحق؛ لأنّ التوفيق والخِذْلان بيد اللهِ وحده، (إذاً فليَطلب العبد من ربه الهداية والثبات، وليَعتصم به من الزَيغ والضَلال). الآية 18: ﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا ﴾ يعني: إذا نظرتَ إليهم - أيها الرسول - لَظننتَ أنهم مستيقظين (لأنّ أعْينهم كانت مُفَتَّحة) ﴿ وَهُمْ ﴾ في الحقيقة ﴿ رُقُودٌ ﴾ أي نائمونَ لا يشعرونَ بأحد، ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ أي نُقَلِّبهم أثناء نومهم مَرّة للجنب الأيمن ومَرَّة للجنب الأيسر، حتى لا تأكلهم الأرض، ﴿ وَكَلْبُهُمْ ﴾ - الذي أخذوه معهم لحِراستهم - ﴿ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾ أي قد مَدَّ ذراعيه بفناء الكهف (لأنه أصابه من النوم ما أصابهم وقت حِراسته)، ﴿ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾ أي لو شاهدتهم وهم نائمونَ وأعينهم مُفَتَّحة: لَرجعتَ فارّاً منهم ﴿ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ (لأنّ اللهَ قد ألقى الخوف والفزع على مَن يَراهم، حتى لا يدخل عليهم). الآية 19، والآية 20: ﴿ وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ ﴾: يعني وكما أنمناهم وحفظناهم هذه المدة الطويلة، فكذلك أيقظناهم مِن نومهم على هيئتهم دونَ تغيُّر، وذلك ﴿ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ﴾: يعني لكي يَسأل بعضهم بعضًا، فيَزدادوا إيماناً باللهِ تعالى، ويَتيقنوا بحمايته لأوليائه، فـ ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ ﴾: ﴿ كَمْ لَبِثْتُمْ ﴾: يعني كم من الوقت بقينا نائمين هنا؟ ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال بعضهم: ﴿ لَبِثْنَا ﴾ أي مَكَثنا ﴿ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ﴾، ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال آخرونَ قد اختلط عليهم الأمر: فَوِّضوا ذلك إلى اللهِ تعالى، فـ ﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ﴾: أي فرَبُّكم أعلم بالوقت الذي مَكَثتموه. ♦ وقد كانوا جائعينَ فقالوا: ﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ﴾: أي فأرسِلوا أحدكم بنقودكم الفضية هذه إلى مَدِينتنا، ﴿ فَلْيَنْظُرْ ﴾: ﴿ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا ﴾: يعني أيَّ أهْل المدينة طعامه حلالاً طيباً ﴿ فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ﴾ لتأكلوه سَدّاً لجوعكم ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ ﴾ في ذهابه وعودته وشرائه مع البائع حتى لا ننكشف، ﴿ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾ أي: ولا يَفعل فِعلاً يؤدى إلى معرفة أحدٍ من قومكم بوجودكم، فـ ﴿ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ ﴾ يعني إن يَروكم: ﴿ يَرْجُمُوكُمْ ﴾ بالحجارة، فيقتلوكم ﴿ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ﴾: يعني أو يُرجعوكم إلى دينهم، فتَصيروا مُشركينَ مِثلهم ﴿ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾: أي ولن تفوزوا أبدًا بدخول الجنة والنجاة من النار، إن أطعتموهم فأشركتم بربكم. الآية 21: ﴿ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ أي جعلنا أهل ذلك الزمان يَعثرون عليهم (وذلك بعد أن كَشَفَ البائع نوع الدراهم القديمة التي جاء بها مَبعوثهم)، وقد جعلنا الناس يَعثرونَ عليهم ﴿ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ ﴾ بالبعث ﴿ حَقٌّ ﴾ لأنّ الذي أنامهم كل هذه المدة ثم أيقظهم، قادرٌ سبحانه على أن يَبعثهم بعد موتهم، ليُحاسبهم ويُجازيهم بأعمالهم، ﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا ﴾ يعني: ولِيَعلم الناس أنّ الساعة التي تقوم فيها القيامة آتيةٌ لا شك فيها، ﴿ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ﴾: يعني إنهم عَثَروا عليهم في وقتٍ كان أهل البلد يَختلفون في أمْر القيامة: (فمِنهم مَن كانَ مؤمناً بها، ومنهم مَن كانَ مُنْكِراً لها)، فلمَّا اطَّلعوا جميعاً على أصحاب الكهف، جعل اللهُ اطّْلاعهم حُجَّةً للمؤمنين على الكافرين في قدرة اللهِ على البَعث والإحياء، وعلى أنّ البعث يكونُ بالأجسام والأرواح معاً وليس بالأرواح فقط. ♦ وبعد أن انكشف أمْرهم ماتوا ﴿ فَقَالُوا ﴾ أي فقال فريقٌ من المُطَّلِعينَ عليهم: ﴿ ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ﴾: أي ابنوا على باب الكهف بناءً يَحجبهم عن الناس، واتركوهم وشأنهم، فـ ﴿ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ﴾: أي ربهم أعلم بحالهم، و ﴿ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ ﴾ وهم أصحاب الكلمة والنفوذ - الذين يُعرَفون بـ (الحكومة) -: ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾: أي لَنَتّخِذنَّ على مكانهم مَسجدًا للعبادة، (وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، ولَعَنَ مَن فَعَلَ ذلك، لأن هذا قد يؤدي إلى عبادة مَن فيها). الآية 22: ﴿ سَيَقُولُونَ ﴾ أي سيقول بعض أهل الكتاب - الذين اختلفوا في عدد أصحاب الكهف -: هم ﴿ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ أي ويقول فريقٌ آخر منهم: هم ﴿ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾، وكلامُ الفريقين كانَ ﴿ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ﴾ أي رَمْياً بالكلام من غير تثبّت، وظناً مِن غير دليل، (فدَلَّ ذلك على بُطلان القولين السابقين) ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ أي وتقول جماعة ثالثة: هم ﴿ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ (وهذا هو الصواب - واللهُ أعلم - لأنّ اللهَ تعالى أبطل القولين السابقين، ولم يُبطِل القول الثالث، فدَلَّ ذلك على صحته). ♦ ولمّا كان هذا من الاختلاف الذي لا فائدة منه، وليس فيه مصلحة للناس (دينية أو دنيوية)، قال تعالى بعدها: ﴿ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ﴾ أي ربي هو الأعلم بعددهم، و ﴿ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾: أي ما يَعلم عددهم إلا قليلٌ من الناس ﴿ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا ﴾: أي فلا تُجادل أهل الكتاب في عددهم إلا جدالاً ظاهرًا لا عُمقَ فيه (وذلك بأن تَذكر لهم ما أخبرك به الوحي فقط، بدون أن تُكَذِّبهم أو تُوافقهم)، ﴿ وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ ﴾ أي لا تسأل في شأن أصحاب الكهف ﴿ مِنْهُمْ ﴾ أي مِن أهل الكتابِ ﴿ أَحَدًا ﴾ لأنهم لا يَعلمونَ ذلك وإنما يقولون بالظن والتخمين، لا بالعلم واليقين، (وفي هذا دليل على المنع مِن سؤال مَن لا يَصلح للفتوى). الآية 23، والآية 24: ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ ﴾ تَعزم على فِعله: ﴿ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ ﴾ الشيء ﴿ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ يعني إلا أن تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول: (إن شاء الله)، ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾: يعني وإذا نسيتَ قوْل: (إن شاء الله)، فاذكُره - ولو بعد فترة - لتَخرج به من الحرج (وكلما نسيتَ شيئاً فاذكر الله؛ فإنّ ذِكْرَ اللهِ يُذهِب النسيان). ♦ واعلم أنّ سبب اعتراض هذه الآية للسياق، أنّ المشركينَ لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين، قال لهم: (أُخبِركم بما سألتم عنه غداً)؛ ولم يقل (إن شاء الله)، فانقطع الوحي نصف شهر، ثم نزلتْ سورة الكهف وفيها جواب ما سألوا. ﴿ وَقُلْ ﴾ لهم - بعد قوْل (إن شاء الله) -: ﴿ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ﴾: أي لعل اللهَ أن يُنعِمَ عليّ بشيئٍ أكثر إثباتاً لنبوتي - وأكثر هدايةً للناس - من قصة أصحاب الكهف، التي سألتموني عنها اختباراً لنُبُوّتي. الآية 25، والآية 26: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ أي وبَقى الشُّبابُ نائمين في كَهْفهم ثلاثمائة سَنَة (بالحساب الشمسي)، وثلاثمائة سَنَة وتسع سنين (بالحساب القمري)، ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾: يعني وإذا سُئلت أيها الرسول عن مدة بقائهم في الكهف - وليس عندك عِلمٌ مِن اللهِ في ذلك - فلا تجتهد فيه بشيء، بل قل: (اللهُ أعلم بمدة بقائهم)، فإنه سبحانه ﴿ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ أي يَعلمُ جميع ما خَفِيَ عن حواس الناس في السماوات والأرض، ﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾: أي تعجَّب مِن كمال بصر ربك وسَمْعه وإحاطته بكل شيء (أو بصيغةٍ أخرى: ما أعظم بَصَرَهُ بخَلقه وما أعظم سَمْعه لأقوالهم، حيث لا يَخفى عليه شيءٌ من أحوالهم)، و ﴿ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ ﴾: أي ليس للخَلق أحدٌ غيره يَتولى أمورهم، ﴿ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾: أي وليس له شريكٌ في حُكمه وقضائه وتشريعه (لِغِناه سبحانه عَمّا سواه). الآية 27: ﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ ﴾: أي اقرأ أيها الرسول ما أوحاه اللهُ إليك من القرآن (تَعَبُّداً به، وتعليماً للمؤمنين بما جاءَ فيه من الهدى، ودعوةً للناس إلى ربهم)، فإنه سبحانه ﴿ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ أي لا مُغيّر لكلماته، لا في ألفاظها ولا في معانيها ولا في أحكامها (ومِن ذلك ما وَعَدَكَ به من النصر على أعدائك)، ﴿ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾ أي لن تجد مَلجأً تَميل إليه ليُنجيك من عقاب ربك (إن وافقتهم على شيئٍ من اقتراحاتهم). الآية 28: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ﴾ أي صَبِّر نفسك أيها النبي، واحبسها - حَبْسَ مُلازَمة - ﴿ مَعَ ﴾ أصحابك مِن فقراء المؤمنين ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾: أي الذين يَعبدونَ ربهم وحده، ويدعونه في الصباح والمساء، ﴿ يُرِيدُونَ ﴾ بذلك ﴿ وَجْهَهُ ﴾ أي يريدون بأعمالهم الصالحة رضا اللهِ تعالى وَجَنَّتِه، والنظر إلى وجهه الكريم، ﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾: أي ولا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم من الكفار الأغنياء، ﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾؟ يعني: هل تريد مُجالستهم للشرف والفخر لأنهم أصحاب هيئة وزينة، وأصحابك ليس لهم ذلك؟ (وهذا استفهام غرضه النفي والإنكار) أي: لا تفعل هذا، ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾ أي: ولا تُطِعْ مَن جعلنا قلبه غافلاً عَمّا يَجب عليه مِن ذِكرنا وعبادتنا (عقوبةً له)، لأنه عانَدَ وتكَبَّر ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ ففضَّله على طاعة مَولاه ﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾: أي وصارَ أمْرُهُ في جميع أعماله ضَياعاً وهَلاكًا. ♦ واعلم أنّ هذا التوجيه قد نَزَلَ للرسول صلى الله عليه وسلم عندما عَرَضَ عليه المشركون إبعاد أصحابه الفقراء عنه (كَبِلال وصُهَيْب وغيرهما) ليَجلسوا إليه ويسمعوا منه، فنَهاه ربه عن ذلك، وأمَرَه بملازمة المؤمنين الفقراء الذين لا يريدون بصلاتهم وتسبيحهم ودعائهم عَرَضاً من الدنيا، وإنما يريدون رضا اللهِ عنهم، ومَحبته لهم. ♦ واعلم أنّ الفعل (كان) إذا جاء مع صفة معينة، فإنه يدل على أنّ هذه الصفة مُلازِمة لصاحبها، كقوله تعالى - واصفاً نفسه بالرحمة والمغفرة -: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ أي كانَ سبحانه - أزَلاً وأبداً - غفوراً رحيماً. الآية 29: ﴿ وَقُلِ ﴾ لهؤلاء الغافلين: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ يعني: ما جئتكم به - من التوحيد والعمل الصالح - هو الحق من ربكم، ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ ﴾: أي فمن أراد منكم أن يُصَدِّق بهذا الحق ويَعمل به، فليَفعل فهو خيرٌ له، ﴿ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾: أي ومَن أراد أن يَجحد فليَفعل، فما ظَلَمَ إلا نفسه، فـ ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ ﴾ أي للمُشركين، لأنَّ اللهَ تعالى قال: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾، فأولئك قد أعَدَّ اللهُ لهم ﴿ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾ أي أحاطت بهم جُدرانها المُحرِقة، ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا ﴾ - بطَلَب الماء مِن شدة العطش - فإنهم ﴿ يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ ﴾: أي يُؤتَ لهم بماءٍ يُشبه الزيت العَكِر - شديد الحرارة - ﴿ يَشْوِي الْوُجُوهَ ﴾: يعني إذا قرّبوه مِن وجوههم ليَشربوا: شَوَى جلودهم ووجوههم، فإذا شربوه: قطَّعَ أمعاءهم، ﴿ بِئْسَ الشَّرَابُ ﴾: أي قَبُح هذا الشراب الذي لا يَروي ظمأهم بل يَزيده، ﴿ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾: أي وقَبُحَتْ النار مَنزلاً لهم ومُستقَرَّاً، (وفي هذا وعيدٌ شديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ الأمر في قوله تعالى: (فليَكفر) هو للتهديد والوعيد، بدليل ذِكر العذاب الذي سيُصيبه إنْ كَفَر). الآية 30، والآية 31: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ لهم أعظم الثواب، فـ ﴿ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ أي لا نُضيع أجورهم على إيمانهم وإحسان أعمالهم، ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي لهم جنات الخلود التي يُقيمون فيها ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ﴾ أي تجري الأنهار مِن تحت قصورهم، ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ﴾: أي يَلبسونَ فيها أساور من ذهب ﴿ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا ﴾ أي ثياباً ذات لون أخضر، قد نُسِجَت ﴿ مِنْ سُنْدُسٍ ﴾ وهو الحرير الرقيق ﴿ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ وهو الحرير الغليظ، ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ﴾ (والأرائك جمع أرِيكة، وهي السرير المُزَيّن بالستائر الجميلة)، ﴿ نِعْمَ الثَّوَابُ ﴾ ثوابهم، ﴿ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾: أي وحَسُنتِ الجنة مَنزلا ومكانًا لهم. * وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير. • واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/109350/#ixzz4Z6EIl0DD

سلسلة كيف نفهم القرآن؟

jQuery UI Effects - Animate demo

سلسلة كيف نفهم القرآن؟

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [*] تفسير الربع الأخير من سورة الأنبياء • الآية 83، والآية 84: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ أي اذكر أيها الرسول - في هذا القرآن - خبر أيوب عليه السلام، حينَ ابتليناه بمرضٍ عظيم في جسده، وفَقَدَ ماله وولده، فصبر واحتسب الأجر عند الله تعالى، ونادى ربه - داعياً متضرعاً -: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ أي قد أصابني الضر، ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ أي أرحم بي مِن أبي وأمي ومِن كل راحم، فاكشف هذا الضر عني، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءه ونداءه، ﴿فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾ ورفعنا عنه البلاء، ﴿وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ﴾ أي: رزقناه أولاداً بعدد ما فَقَد (وزِدناه مِثلهم)، وكذلك أعطيناه مالاً كثيراً، (فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل عليه جَرَاداً مِن ذهب) (انظر صحيح الجامع حديث رقم: 2863). ♦ وقد فَعَلْنا ذلك ﴿رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾ بأيوب - بسبب صبره-﴿وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾ يعني: وليكون قدوة للعابدين إذا أصابهم البلاء، فيَصبروا مِثله، ويَحتسبوا الأجر عند ربهم، ليُجازيهم بأحسن الجزاء في جنات النعيم، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ). • الآية 85، والآية 86:﴿وَ﴾ اذكر في القرآن ﴿إِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ﴾ ﴿كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ أي كل هؤلاء الأنبياء كانوا من الصابرين على طاعة الله تعالى، وعن معاصيه، وعلى أقداره، فبذلك استحقوا الثناء الجميل في القرآن الكريم، ﴿وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا﴾ بأنْ جعلناهم أنبياء، والسبب في ذلك: ﴿إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: يعني إنهم كانوا مِمَّن صلح باطنهم وظاهرهم، فأطاعوا أمْر ربهم واجتنبوا نَهْيه. • الآية 87، والآية 88:﴿وَذَا النُّونِ﴾ أي: واذكر - أيها الرسول - قصة صاحب الحوت، وهو يونس عليه السلام، ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾ أي حين أرسله الله إلى قومه فدَعاهم فلم يؤمنوا، فتوعَّدهم بعذاب الله فلم يتوبوا، ولم يَصبر عليهم كما أمَرَه الله، وخَرَجَ مِن بينهم غاضبًا عليهم، مُغضِباً لربه، ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ أي ظَنّ أن الله لن يُضَيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة، فابتلاه الله بشدة الضِيق والحبس، والتقمه الحوت في البحر ﴿فَنَادَى﴾ ربه ﴿فِي الظُّلُمَاتِ﴾ أي في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾ أي لا معبودَ بحقٍ إلا أنت ﴿سُبْحَانَكَ﴾ يعني حاشاكَ أن تظلم، فإنّ هذا البلاء أستحقه بمعصيتي﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ♦ واعلم أنّ هذا الذِكر كانَ غرضه الدعاء (وإن لم يُصَرِّح يونس عليه السلام بالطلب)، فقد اعترف بذنبه، وأثنى على ربه، وتوسَّل إليه بتوحيده، فكأنه قال بعد هذا الذِكر: (فنَجِّني يارب مِمّا أنا فيه)، ولذلك قال تعالى بعدها: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ أي استجبنا دعاءه ونداءه، ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾: أي خلَّصناه مِن غَمّ حَبْسه في الظلمات، مع غَمّ نفسه بسبب ذنبه، ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ العاملينَ بشرعنا (إذا تضرعوا إلينا بهذا الدعاء عند شدتهم). • الآية 89، والآية 90:﴿وَ﴾ اذكر خبر ﴿زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ﴾ ليرزقه الذرية، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا﴾: أي لا تتركني وحيدًا، لا وارثَ لي يقوم بأمر الدين مِن بعدي، ﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾ يعني: وأنت خير مَن يَبقى ويَرث، ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءه ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ - رغم كِبَر سِنّه - ﴿وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾: أي جعلنا زوجته صالحة للحمل والولادة بعد أن كانت عقيماً، ﴿إِنَّهُمْ﴾أي زكريا ويحيى ووالدته ﴿كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي﴾ فِعل ﴿الْخَيْرَاتِ﴾ - وهي كل عمل يُرضي اللهَ تعالى - ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾: أي كانوا يدعوننا راغبينَ فيما عندنا من النعيم، وخائفينَ مِمّا عندنا من العذاب، ﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ أي خاضعينَ متواضعين، مُتذللين للهِ في عبادتهم. ♦ واعلم أنّ الخُشوع هو الذل والخوف من اللهِ تبارك وتعالى، فالخاشعون ذليلون مِن كَثرة النِعَم، وذليلون أيضاً من كثرة الذنوب، وهم الخائفون من المَلِك الجبار الذي سَيَحكم عليهم بجنة أو بنار. • الآية 91، و الآية 92، والآية 93:﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ أي: واذكر - أيها الرسول - خبر مريم ابنة عِمران التي حَفظت فَرْجها من الحرام، ولم تفعل فاحشةً في حياتها، ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ (والمقصود بالروح هنا هو جبريل عليه السلام، الذي قال اللهُ عنه: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾، وقال عنه: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾، فقد أرسل الله جبريل إلى مريم، فنَفخ في جَيْب ثيابها - وهو المكان الذي عند الرقبة - فوصلتْ النفخة إلى رَحِمِها، فخلق اللهُ بتلك النفخة عيسى عليه السلام، فحملتْ به من غير زوج، ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ أي فكانت هي وابنها آيةً يَستدل بها الناس على قدرة الله تعالى. ♦ وقال الله تعالى للناس: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ يعني: إنّ هؤلاء الأنبياء جميعًا هم أئمتكم، إذ دينهم واحد، وهو الإسلام (الذي هو الاستسلام والانقياد والخضوع لأوامر الله تعالى، وعبادته وحده بما شَرَع) ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ﴾ أي خالقكم ورازقكم ومُدَبّر أمْركم، فلذلك لا يَستحق العبادة غيري ﴿فَاعْبُدُونِ﴾ أي اعبدوني أيها الناس ولا تشركوا بي أحداً مِن خَلقي، ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ أي: ولكنّ الناس اختلفوا بعد هؤلاء الأنبياء، وجعلوا دينهم مَذاهب تُعادي بعضها بعضاً، وأصبحوا فِرقاً وأحزاباً، وعبدوا المخلوقات والأهواء، و ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾: أي كلهم راجعونَ إلينا ومُحاسَبونَ على أفعالهم، (ومِن ذلك تقطيعهم للإسلام إلى مِلَل مختلفة، كاليهودية والنصرانية وغيرهما). • الآية 94: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ﴾ - بإخلاصٍ لله تعالى وعلى النحو الذي شرعه - ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ بالله ورُسُله، وبما أخبرت به الرُسُل من الغيب: ﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ أي لا نُكرانَ لعمله، (والمعنى أننا لن نُضيع عمله ولن نُبطله، بل نَجزيه عليه أحسن الجزاء) ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ أي: وسيَجد هذا العمل مُثبَتٌ في كتابه يوم القيامة، لأن الملائكة تكتب أعماله الصالحة بأمر الله لهم، وسيُجزَى بها في جنات النعيم. • الآية 95:﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ يعني: ولقد حَرَّمَ الله على أهل القرى - التي أهلكها بسبب كُفرهم وظُلمهم - فأولئك حَرَّمَ الله عليهم رجوعهم إلى الدنيا ليتداركوا أعمالهم السيئة بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، فقد فات أوان ذلك، وليس لهم إلا الحسرة والندم والعذاب والصراخ. • من الآية 96 إلى الآية 100: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾: أي حتى إذا أَذِنَ الله بفتح سد قبيلتَي يأجوج ومأجوج (وهما قبيلتان عظيمتان موجودتان وراء السد الذي بناه ذو القرنين، والذي سيُفتَح عند اقتراب الساعة)، ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ أي: وحينئذٍ سيَخرجون مُسرعين من كل المرتفعات (وهي الجبال الموجودة بالقرب من أراضيهم) ليأكلوا ويُدَمِّروا. ♦ والراجح أنّ كلمة (حَتَّى) - المذكورة في أول الآية - مرتبطة بالآية التي قبلها، لأنّ امتناع رجوع الأمم الهالكة إلى الدنيا لا يزول حتى تقوم القيامة، ثم يُرجَعونَ إلى ربهم للحساب. ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ أي: وحينئذٍ يكون يوم القيامة قد اقترب وظهرت علاماته وأهواله ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: يعني فإذا بأبصار الكفار مفتوحة مِن شدة الفزع، لا تكاد تَطْرِف، وهم يقولون: ﴿يَا وَيْلَنَا﴾ يعني يا هلاكنا ﴿قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا﴾ أي كنا غافلين عن الاستعداد لهذا اليوم ﴿بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ (فاعترفوا بذنبهم حيث لا ينفعهم الاعتراف). ♦ وقال الله للمشركين:﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ - مِمَن رَضِيَ بعبادتكم له - ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ أي حَطَبها الذي تُوقَد به، ﴿أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾: يعني أنتم ومعبوداتكم الباطلة داخلونَ في جهنم جميعاً،و﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ﴾ الذين عبدتموهم من دون الله تعالى ﴿آَلِهَةً﴾ تستحق العبادة: ﴿مَا وَرَدُوهَا﴾: أي ما دخلوا النار معكم أيها المشركون، ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أي: كُلٌّ من العابدين والمعبودين - الذين رضوا بعبادتهم - خالدون جميعاً في نار جهنم ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ أي لهم في النار آلامٌ شديدة يدل عليها زفيرهم (وهو التنفس والأنين الشديد)، إذ كلما أصاب العذاب أجسادهم، صرخوا من شدة الألم، ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾ يعني: وهُم في النار لا يَسمعون، وذلك مِن فظاعة العذاب الذي يُلهِبُ أجسادهم، ولكثرة الصُراخ وشدة الأصوات (نسأل الله العافية). • من الآية 101 إلى الآية 104:﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾: يعني إن الذين كَتَبَ الله أنهم من أهل الجنة - بسبب إيمانهم وعملهم الصالح - ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ أي مُبعَدون عن النار، فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبًا منها، و﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾: أي لا يَسمعون صوت لهيبها واحتراق الأجساد فيها، فقد سكنوا منازلهم في الجنة ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ﴾ - مِن نَعيمها ولَذّاتها - ﴿خَالِدُونَ﴾،﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾: أي لا يُقلِقهم الهول العظيم يوم القيامة، بل يَخرجون من قبورهم آمنينَ غير خائفين، ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ عند قيامهم مِن قبورهم لتُبَشِّرهم: ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ أي هذا يومكم الذي وَعَدَكم الله فيه بالكرامة والسعادة وحُسن الثواب. ♦ ويَتِمّ لهم ذلك الوعد ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ﴾ - وذلك حين تُبَدَّل الأرض بغيرها والسماوات بغيرها - فحينئذٍ يَطوي سبحانه السماوات السبع بيمينه ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ أي كما تُطْوَى الورقة على ما كُتب فيها لتدخل في المظروف، ونَبعث الخلائق في ذلك اليوم ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ أي على هيئة خَلْقِنا لهم أول مرة (كما ولدتهم أمهاتهم)، وقد وَعَدْنا بذلك ﴿وَعْدًا﴾ حقًا، ﴿عَلَيْنَا﴾ الوفاء به، ﴿إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أي نفعل دائمًا ما نَعِدُ به، ولا يتخلف وَعْدنا أبداً. ♦ واعلم أنّ هذه الآيات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ...﴾ قد نزلتْ رداً على أحد المشركين عندما قال: (إنْ كانَ ما يقوله محمدٌ حقاً بأننا وآلهتنا في جهنم، فإن الملائكة معنا في جهنم لأننا نعبدهم، وعيسى والعُزَير في جهنم لأن اليهود عبدوا العُزَير، والنصارى عبدوا المسيح)، فأخبر تعالى أنّ مَن عَبَدَه الناس وهو غير راضٍ عن عبادتهم له، وكانَ هو يَعبد اللهَ وحده ويتقرب إليه بالطاعات التي شَرَعها، فهو مِمّن كَتَبَ اللهُ لهم الجنة كالمسيح عليه السلام. • الآية 105:﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ أي كَتَبنا في الكتب المُنَزَّلة بعد أن كَتَبنا في اللوح المحفوظ: ﴿أَنَّ الْأَرْضَ﴾ أي أرض الجنة ﴿يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (وهم الذين قاموا بما أمَرَهم الله به، واجتنبوا ما نهاهم عنه). • الآية 106:﴿إِنَّ فِي هَذَا﴾ القرآن ﴿لَبَلَاغًا﴾ أي عِبرة كافية تَبلُغ بمن يَعمل بها إلى الجنة ﴿لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ أي يَعبدون ربهم، بما شَرَعه لهم. • الآية 107:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ﴾ - أيها الرسول - ﴿إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ أي رحمةً لجميع الخَلق، فمَن آمَنَ بك سَعِد ونجا، ومَن لم يؤمن بك خابَ وخَسر، (واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أيضاً رحمةً لكُفار قريش من عذاب الإبادة والاستئصال الذي أصاب المُكَذبين قبلهم، كما قال تعالى له: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ)). • الآية 108:﴿قُلْ﴾ أيها الرسول لهؤلاء المشركين: ﴿إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ﴾- مِن ربي - ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ﴾ أي مَعبودكم الحق هو ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ وهو اللهُ الأحد الصمد، المستحق وحده للعبادة ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾؟ (والمعنى: فأسلِموا له، وانقادوا لعبادته). • الآية 109، والآية 110، والآية 111:﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾: يعني فإنْ أعرض هؤلاء المشركون عن الإسلام ﴿فَقُلْ﴾ لهم: ﴿آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾: يعني أبلغتكم جميعًا ما أوحاه الله إليَّ، فأنا وأنتم متساوون في العلم والإنذار، ﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾ يعني: ولستُ أدري أقَريبٌ ما تُوعدونَ به من العذاب أم مُؤجَّلٌ إلى يوم القيامة، ﴿إِنَّهُ﴾ سبحانه ﴿يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ﴾: أي يَعلم ما تُعلِنونه من أقوالكم (ومِن ذلك طَعْنكم في الإسلام ونَبِيِّه)، ﴿وَيَعْلَمُ﴾ سبحانه ﴿مَا تَكْتُمُونَ﴾ في نفوسكم مِن عداوتي وإرادة المكر بي (وسوف يُعاقبكم على ذلك). ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ يعني: ولستُ أدري، لعل تأخير العذاب الذي استعجلتموه هو استدراجٌ لكم ﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أي: وحتى تتمتعوا في الدنيا إلى وقت انتهاء آجالكم، لتغتروا بإمهال الله لكم فتزدادوا كفرًا، فيكون ذلك أعظم لعقوبتكم في جهنم، (واعلم أنّ الاستدراج: هو الأخْذ بالتدريج، واستدراجُ اللهِ تعالى لأهل الضلال - الذين يُصِرُّون على المعاصي ولا يتوبون منها -: أنهم كلّما جَدَّدُوا للهِ معصيةً، جَدَّدَ اللهُ لهم نعمة، حتى يأخذهم بذنوبهم وهم لا يشعرون، كما قال صلى الله عليه وسلم: )إذا رأيتَ اللهَ تعالى يعطي العبدَ من الدنيا ما يحب وهو مُقيمٌ على معاصيه: فإنما ذلك منه استدراج) (انظر صحيح الجامع حديث: 561). • الآية 112:﴿قَالَ﴾ النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ﴾ أي افصل بيننا وبين قومنا المُكَذِّبين بالقضاء الحق (وذلك بنَصري عليهم في الدنيا)، وقال صلى الله عليه وسلم للكفار: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ﴾ (وذلك لأنهم أنكَروا أن يكون الرحمن اسماً لله تعالى حين قالوا: (وما الرحمن؟))، وهو سبحانه ﴿الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ أي الذي نستعين به على إبطال ما تَصِفونه - أيها الكفار - من الشرك والتكذيب والافتراء على الله ورسوله. [*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة. - واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/112414/#ixzz4Z68cGUZw.